ترْكُ الصلاة بالكُليَّة كُفرٌ أكبر مُخْرِج من الملَّة على أصحِّ القولَيْن؛ لدَلالة الكتاب والسُّنة، وإجماع خيار الأمة؛ يقول ربُّنا - تبارك وتعالى -: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [التوبة: 11]. فلا تثبت الأخوَّة الإيمانية بيننا وبين المشركين إلاَّ بالتوبة من الشِّرْك، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، والمعلَّق بشرْطٍ ينعدم عند عَدَمه، فمَن لم يُصَلِّ، فليس بمؤمنٍ، وليس بأخٍ لنا في الدِّين. وعن جابر بن عبدالله قال: سمعتُ رسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((بين الرجل وبين الشِّرْك والكفر تَرْكُ الصلاة))؛ رواه مسلم (82). فالصلاة حدٌّ فاصل بين الإسلام والكفر والشِّرْك، فمن تَرَكها خرَجَ من الإسلام، ودخلَ في عِداد المشركين الكافرين. وأجمع الصحابة - رضي الله عنهم - على كُفر تارِك الصلاة؛ فعن مُجاهد بن جَبْر عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: قلتُ له: ما كان فرْقٌ بين الكفر وبين الإيمان عندكم من الأعمال على عهْد رسول الله - صلى الله عليه وسلم؟! قال: "الصلاة"؛ رواه الخلاَّل في كتاب "السُّنة" (1379)، بإسناد حسن. وعن عبدالله بن شقيق العُقَيْلي قال: "كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا من الأعمال ترْكُه كُفرٌ غير الصلاة"؛ رواه ابن أبي شَيْبة في "المصنف" (11/ 49)، وغيره إسناد صحيح. فلم يُحْفَظْ عن الصحابة خلافٌ في كُفْر تارك الصلاة، إنَّما الخلاف أتى بعدهم، والعلماء الراسخون في هذه البلاد المباركة وغيرها يفتون بكُفْر تارِك الصلاة، وممن يُفتي بكُفر تارك الصلاة من علمائنا ابن إبراهيم، والشنقيطي، وابن باز، وابن عثيمين.