اليوم يمر 11 عاما على وفاة المجاهد بقلمه قبل سلاحه والباحث بعقله قبل قلبه والمنقب عن الحقيقة على عزت بيجوفتش رجل فيه من الفلاسفة البحث الدؤوب ومن المفكرين الاصالة فى التفكير وفيه من الادباء البلاغة الناطقة ومن الشعراء جموحهم وخيالهم المتجاوز المنطق وكيف لا ومن يقرأ كتابه الاكثر من رائع ( الأسلام بين الشرق والغرب) لايسعه إلا ان ينبهر بالعرض انه يجد امامه كتاب حاد نتيجة لكثافة اللغة فى مقاطع النص ويشعر بتلك المسارات التى تثار فى الرأس حين يرى رؤية مختلفة تماما فى النظر لاشكالية المادة والروح /الذات والموضوع/ القلب والروح من يقرأ المقارنة التى عقدها بين داروين بنظريته الصارمة ورؤيته الحتمية وبين مايكل أنجلو بفنه الفذ وانسجام لوحاته لايسعه الا التسليم بأنه امام عمل لايمكن ان ينم إلا عن عقلية تنظر من زوايا مثيرة للأعجاب هو من خلال كتاباته الادبية يقدم للقارئ فضاء هائل الرحابة خارج كل المضامين التى تقدمها الكلمات التى تشكله مقارنات لم تخطر على بال اى باحث وعقد مناظرات بين فلاسفة وكأنه حكم بينهم ونقد عبقرى للأشكاليات والفلسفات الغربية التى أودت بالانسان اكثر مما افادته فهو لم يقرأ للفلسفة وإنما عايشها وامتزج بها هو ليس قارئ عادى اكتفى بتصوير حضارة وإنما خلق من كتاباته حضارة بحد ذاتها..كاتب قادر على ان يعيدك الى حظيرة الايمان بعد ان يكون الشك قد زلزال ثوابت جامدة فيك..كاتب خارق لايكتفى بتكثيف الاضواء حول عظمة الانسان وإنما يكشف لك عن جوانب عبقرية لم تكن تنظر من خلالها للأسلام ..انها مضامين تحتفى وتنفجر من ينبوع الاسلام لم يكن لكاتب موهوب مثل بيجوفتش قادر على ارتيادها مثله لقد كان روح عظيمة فى العالم الذى عاش فيه ادعو فى تلك المناسبة اصدقائى لقراءة مؤلفه الأسلام بين الشرق والغرب فهو كتاب يحمل رسالة سامية للبشرية اكثر منه كتاب يسلط الضوء على الأسلام فقط..انت فى حضرة كاتب يملك النص من تلابيبه ويلعب به كيف يشاء ورؤية صافية من كل ثغرة وعين متفحصة أريبة تمتد لصلب الموضوع بما يسمح ان نطلق عليها عين زرقاء اليمامة لقد صدق شكسبير حين قال (روح الحكمة الأيجاز) وهو ماتجده فى عبارات بيجوفتش القصيرة التى ان فككت تحتمل اجتهادات كتب ونقاش يدوم لأمد غير معلوم حين تقرأ لبيجوفتش فتأكد انك فى حضرة فيلسوف حقيقى يملك أزمات وجودية واشكاليات ثرية وعمق غير عادى وروح باحث مخلص وصبر مقاتل عنيد وباحث مخلص لقضيته لايساوم على مبادئه وإنما يظهر اهمية الثبات عليها هو لايردد نقد محفوظ قابل للأستهلاك وإنما تفكيك يمس لحم الاشكالية وسداها هو يمنحك مساهمة ذاتية كبيرة فى التعرف على نفسك من خلال كتاباته بيجوفتش كتابه الأسلام بين الشرق والغرب يصح ان نطلق عليه عبارة ولفجانج إيسر ( ان معنى الكتاب لايكمن فى النص ولافى السياق الذى يٌقرأ فيه ولكن فى مكان مابين الاثنين)......