ماذا تفكر أيها الشقي البائس لتنجو من مطاردة هذه العوالم الحاقدة عليك وأنت عدوها الألد؟ أتتخذ لك نفقًا في الأرض أم سلمًا في السماء؟! أتراك تستطيع الصعود وقد حالت دونه العواصف والأنواء، وأنَّى لك وأنت ترتعد مكانك من هول المنظر؟! وإنِّي لا أخالك إلا مقبورًا ضليلًا طريدًا. ليت شعري كيف تنازل هذه القوى العظيمة التي ما لها من نفاد وأنت أسير حفرتك؟! حسبك دفاعًا مع العظمة التي أقبرتك في كوخك، وأهاجت عليك السماء وما حوت والأرض وما وعت حتى اغبرَّ وجه الكون عليك أسفًا، وأظلمت الدنيا حدادًا؛ فاخضع أيها الغريق للقضاء واستسلم لهذا اليم الجبار العتيد. وهذه الشمأل العاتية التي أوشكت أن تقوض أركان مأوالك، وهذا الوابل الذي كاد يجرف ذراك. وتلك الغياهب التي تهلع لها القلوب تبذل الوسع لمحوك وفنائك، وهذا الليل المقبل بالويل الذي ترتعد منه رعبًا سيُصب فوق رأسك الأعاصير الهوج مع الظلمات؛ فاجمع أعضاءك والتصق بالأرض، وطأطئ رأسك لما يهب فوقها من العُلا دون أن تسأل السماء المعتمة عن السبب، ودع الهلاك يسيل فوق أعضائك التي تثلجت من الهول؛ إذ لا قوة لك ولا حول. مقتطف من رواية الغريق يبين مدى بلاغة الكاتب فيكتور هيغو
2014-10-19 22:28:30
ماذا تفكر
sign in to comment
Be the first to comment