كان الفيلسوف الإغريقي ديموقريطوس هو أول من عبر عن فكرة وجود بنية أساسية جوهرية لكل المواد )بمعنى أن المادة لا يمكن تقسيمها إلى ما لا نهاية(، وذلك نحو عام 420 قبل الميلاد. يروى أن ديموقريطوس لاحظ أثناء سريه على الشاطئ ذات يوم أن المادة — مثل الرمال — كانت تبدو وحدة واحدة حين يُنظر إليها عن بُعد، لكن عن قرب يتضح أن الشاطئ مكون من حبات رمل منفصلة. قاده حدسه إلى أن يقترح أن كل مادة مكونة من حبيبات دقيقة. ففكر على سبيل المثال أن مياه المحيط يمكن تقسيمها إلى قطرات أصغر وأصغر حتى نصل إلى »ذرات« المياه، التي تخيلها على صورة كرات ضئيلة ملساء مستديرة. ظل مفهوم ديموقريطوس لألفي عام تقريبًا محل تجاهل بسبب مفهوم لفيلسوف إغريقي آخر هو أرسطو (٤٨٣–٢٢٣ قبل امليلاد)، الذي اعتقد أنه لا توجد بنية أساسية جوهرية، وأنه بالإمكان تقسيم المادة إلى ما لا نهاية. انبثق مفهوم أرسطو من مجموعة من المبادئ البديهية من وجهة نظره. ولو أُجري استطلاع للرأي في ذلك الوقت لوجدنا أن الأفراد كانوا سيتقبلون فكرة أرسطو أكثر من فكرة ديموقريطوس، وجزء من السبب يرجع إلى المكانة العالية التي كان أرسطو يتمتع بها خلال القرن السابع عشر حدث تغير جوهري في طريقة عمل العلم؛ إذ صار الدليل التجريبي هو الحَكم الفاصل في صحة الفرضيات. افترضت طريقة التفكير الثورية أنه لا يوجد ما يسمى بالبديهيات، وأن كل الفرضيات العلمية يجب أن تخضع للتجريب بما يحدد مدى مصداقية التنبؤات المبنية عليها. من كتاب الطفرات العلمية الزائفة : عندما يطمس العلم الحقيقي ويسود العلم الزائف .