قال مبدع الجنان سبحانه.. قال الجميل الذي يحب الجمال، ويحثنا على الجمال: "أعددت لعبادي الصالحين : ما لا رأت عين ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر". عندما أقرأ هذه الكلمات.. تأخذ نياط قلبي وأنا أرى قوافل الصالحين تمر فلا تأخذني معها.. أرى مطاياهم تتهادى أمامي وأنا مكبل بخطاياي، وأرى اليأس جاء ليجهز على ما تبقى. لكن شمس محمد صلى الله عليه وسلم تشرق من جديد بكلمات كالمطر.. كلمات زادت حبي لأنس بن مالك.. ذلك الغلام الذي نعم بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم وحنانه.. كلمات أشرقت على أنس عندما رأى رجلا غريبا أخرجه قلبه من بيته.. أخرجه قلبه المفعم بحبٍ راح يعلنه على النبي صلى الله عليه وسلم، ولما وقف أمامه سأله سؤال المشتاقين "فقال: متى الساعة ؟ قال عليه الصلاة والسلام: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء... إلا أني أحب الله ورسوله. فقال عليه السلام: أنت مع من أحببت. قال أنس: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم (أنت مع من أحببت) قال أنس: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم." وأنا أقول: رب إني أحبك وأحب نبيك وأحب أبا بكر وعمر وأنس، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم.. ما ألذ العيش مع تلك الكلمات التي قالها حبيبي صلى الله عليه وسلم .. تستفز مخيلتي حتى تستترفها، ثم تأخذها من وهدتها نحو آفاق أرهقني عشقها وعشق التحليق فيها. رب حررني بحبك من تلك القيود.. رب اشملني بقولك: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. إلهي.. عندما أقرأ هذه الكلمات تضيع الموانيء وتختفي السواحل.. وأظل في محيطات النعيم وسكرتها دون وصول أو إفاقة.. رب إني أسألك الجنة.. الفردوس.. فلا تحرمنيها.