و في كل بلد عربي، مثل الذي في مصر، شباب ناشئون في طاعة الله، مجاهدون في سبيله، قد تركوا هواهم لطاعته، و شهواتهم لمرضاته، يؤمُّون المساجد على حين ينام الناس في بيوتهم، لا يثنيهم برد الليل عن صلاة الجماعة، و لا ترُدُّهم مشاغل الحياة عن طلب العلم، لوَّوا وجوههم عما يستبق إليه لِداتهم من اللهو و الأُنس، و ما تدفعهم إليه طبائع نفوسهم من اللذة و المتاع، تركوها لله فعوَّضهم الله خيراً منها: اللذة بعبادته و الأُنس بمناجاته، لا يُبالون في سبيل الله عدواً، ولا يستكبرون كبيراً، و لا يستعظمون خطراً، فهم بقية من شباب الدعوة الأولى، تخلَّفوا عن بدر و القادسية و اليرموك، ليأتوا في كهولة الزمان، فيعيدوا الإسلام غضّاً طريّاً، و الزمان شاباً قوياً، و يكونوا تتمة لمعجزة الرسول الله صلى الله عليه وسلم...... للطنطاوي ... من كتاب ( هتاف المجد )