تعامَلْ مع الأمر الواقع: (من صفحة لا تحزن ... للشيخ عائض القرني) ------------------------- أعرف رجلاً بُتِرت يدُه اليسرى من الكتف لمرضٍ أصابه ، فعاش طويلاً وتزوَّج ، ورُزق بنين ، وهو يقودُ سيارته بطلاقة ، ويؤدي عمله بارتياح ، وكأنَّ الله لم يخلق له إلا يداً واحدة ((ارض بما قسم اللهُ لك تكن أغنى الناس )) . إن الخنساء النخعية تُخبَرُ في لحظةٍ واحدة بقتلِ أربعة أبناءٍ لها في سبيلِ اللهِ بالقادسية ، فما كان منها إلا أن حمدتِ ربَّها ، وشكرت مولاها على حُسْن الصنيع ، ولطفِ الاختيار ، وحلولِ القضاء ؛ لأنَّ هناك معيناً من الإيمان ، ورافداً من اليقين لا ينقطع ، فمثلُها تَشكر وتُؤجر وتسعد في الدنيا والآخرة ، وإذا لم تفعل هذا فما هو البديل إذن ؟! التسخُّط والتضجُّر والاعتراض والرفضُ، ثم خسارةُ الدنيا والآخرة ! (( فمن رضي فلهُ الرَّضا ، ومن سخط فله السخطُ )) . إن بلسم المصائب وعلاج الأزمات ، قولُنا : إنّا للهِ وإنّا إليه راجعون . والمعنى : كلُّنا لله ، فنحنُ خَلْقُه وفي ملكِهِ ، ونحن نعودُ إليه ، فالمبدأُ منه ، والمعادُ إليه ، والأمرُ بيده ، فليس لنا من الأمرِ شيء . نفسي التي تملكُ الأشياء ذاهبةٌ ** فكيف أبكي على شيءٍ إذا ذهبا (كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ) . لو فوجئت بخبرٍ صاعق باحتراقِ بيتِك ، أو موتِ ابنك ، أو ذهابِ مالك فماذا عساك أن تفعل ؟ من الآنِ وطِّنْ نفسك ، لا ينفعُ الهرب ، لا يجدي الفرار والتملُّص من القضاء والقدر ، سلِّم بالأمر ، وارض بالقدر ، واعترف بالواقع ، واكتسب الأجر ، لأنه ليس أمامك إلا هذا . نعم هناك خيارٌ آخر ، ولكنه رديءٌ أحذِّرك منُه ، إنه : التبرُّمُ بما حصل والتضجُّر مما صار ، والثورة والغضب والهيجان ، ولكن تحصل على ماذا من هذا كلِّه ؟! إنك سوف تنالُ غضب الرب جلَّ في عليائِه ، ومقْت الناس ، وذهاب الأجر ، وفادح الوزرِ ، ثمَّ لا يعود عليك المصاب ، ولا ترتفع عنك المصيبة ، ولا ينصرف عنك الأمر المحتوم *فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاء ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ * .
2014-04-18 07:22:12
تعامَلْ مع
sign in to comment
Be the first to comment