من أسباب

من أسباب سعادة الشيخ الطنطاوي مع زوجته: أولاً: إن صلتي بأهل المرأة لم يجاوز إلى الآن، بعد مرور قرن من الزمان، الصلة الرسمية، الود والاحترام المتبادل، وزيارة الغِب (يعني الزيارة بين الحين والآخر، وليس كل يوم أو يومين)، ولم أجد من أهلها ما يجد الأزواج من الأحماء من التدخل في شؤونهم، وفرض الرأي عليهم ولقد كنا نرضى ونسخط كما يرضى كل زوجين ويسخطان، فما تدخل أحد منهم يومًا في رضانا ولا سخطنا. ولقد نظرت إلى اليوم في أكثر من عشرين ألف قضية خلاف زوجي، وصارت لي خبرة أستطيع أن أؤكد القول معها بأنه لو ترك الزوجان المختلفان، ولم يدخل بينهما أحد من الأهل ولا من أولاد الحلال، لانتهت بالمصالحة ثلاثة أرباع قضايا الزواج. ثانياً: أننا لم نجعل بداية أيامنا عسلًا كما يصنع أكثر الأزواج، ثم يكون باقي العمر حنظلًا مرًا؛ وسمًا زعافًا، بل أريتها من أول يوم أسوأ ما عندي، حتى إذا قبلت مضطرة به، وصبرت محتسبة عليه، عدت أريها من حسن خلقي، فصرنا كلما زادت حياتنا الزوجية يومًا زادت سعادتنا قيراطًا. ثالثاً: أني تركت ما لقيصر لقيصر، فلم أدخل في شؤونها من ترتيب الدار وتربية الأولاد، وتركت هي لي ما هو لي، من الإشراف والتوجيه. وكثيرًا ما يكون سبب الخلاف لبس المرأة عمامة الزوج وأخذها مكانه، أو لبسه هو صدار المرأة ومشاركتها الرأي في طريقة كنس الدار، وأسلوب تقطيع الباذنجان، ونمط تفصيل الثوب. رابعاً: أني لا أكتمها أمرًا ولا تكتمني، ولا أكذب عليها ولا تكذبني، أخبرها بحقيقة وضعي المالي، وآخذها إلى كل مكان أذهب إليه أو أخبرها به، وتخبرني بكل مكان تذهب هي إليه، وتعود أولادنا الصدق والصراحة، واستنكار الكذب يمان