إن الإنسان المثالي في رأي أرسطو هو الذي لا يعرض نفسه بغير ضرورة للمخاطر، ولكنه على استعداد أن يضحي بنفسه في الأزمات الكبيرة، مدركا إن الحياة لا قيمة لها في ظروف معينة. وهو يعمل على مساعدة الناس ، ولكنه يرى العار في مساعدة الناس له ، لان مساعدة الناس ونفعهم دليل التفوق والعلو، ولكن تلقي المساعدات منهم دليل التبعية وانحطاط المنزلة، لا يشترك في المظاهر العامة وينأى بنفسه عن التفاخر والتظاهر، وهو صريح في كراهيته وميوله وقوله وفعله، بسبب استخفافه بالناس وقلة اكتراثه بالأشياء. لا يهزه الإعجاب بالناس أو إكبارهم إذا لا شيء يدعو للإعجاب والإكبار في نظره ، وهولا يساير الآخرين إلا إذا كان صديقا ، لان المسايرة من شيم العبد، ولا يشعر بالغل والحقد أبدا، يغفر الإساءة وينساها ولا يكترث الحديث ولا يبالي بمدح الناس له أو ذمهم لغيره. لا يتكلم عن الآخرين حتى لو كانوا اعدءا له ، لا تأخذه الحدة أو يستبد به الغضب، يتحمل نوائب الحياة بكرامة وجلال. وهو أفضل صديق لنفسه، يبتهج في الوحدة، بينما نرى الجاهل العاجز المجرد عن الفضيلة أو المقدرة عدو نفسه ويخشى الوحدة.